التكلفة العالية للفشل في تنفيذ الخطط الإستراتيجية

في عالم الأعمال التنافسي، يُنظر إلى الخطة الإستراتيجية المصممة جيدًا على أنها خارطة الطريق للنجاح. فتستثمر المنظمات الكثير من الوقت والمال ورأس المال الفكري في عملية التخطيط الإستراتيجي التي تعينهم على خلق قيمة مضافة حقيقية ومستدامة في الاجل الطويل وتوفر أساساً للتخصيص الأمثل للموارد، وترسم التوجهات العامة للمنظمة. ومع ذلك، فان الحقيقة المرة هي أن العديد من المنظمات تفشل في تنفيذ هذه الخطط بنجاح، مما يؤدي إلى سلسلة من العواقب السلبية التي تمتد إلى ما هو أبعد من  ضياع التكاليف التي تكبدتها المنظمة في دفع الاتعاب المهنية للشركات الاستشارية التي تم استقطابها لصياغة الخطة الاستراتيجية وتكاليف جمع المعلومات وعقد ورش العمل التي شارك فيها العديد من المدراء مدفوعي الأجر تاركين مهام أعماهم اليومية.

ونحلل فيما يلي النتائج بعيدة المدى للفشل في تنفيذ الخطط الإستراتيجية والتي تتضمن فقدان مكانة المنظمة في السوق، والأضرار التي  قد بسمعة المنظمة بالإضافة الي الخسائر المالية، وتآكل الثقافة التنظيمية، ناهيك عن احتمالات انزلاق المنظمة في دائرة مفرغة حيث لا تدرك ضعف قدرتها التنفيذية وتعمد الي تطوير خطط استراتيجية جديدة اعتقاداً منها أن سبب الفشل في التنفيذ هو عدم صلاحية الخطة نفسها.

 

    الخسارة الاولى: فقدان موقع المنظمة في السوق وتدهور ميزتها التنافسية

    • الفرص الضائعة: غالبًا ما تحدد الخطط الإستراتيجية طرقًا للتوسع – أسواق جديدة أو خطوط إنتاج مبتكرة أو تحسينات في الكفاءة. ويسمح الفشل في التنفيذ للمنافسين
    •  باغتنام المبادرة.
    • انخفاض القدرة التنافسية: إن عدم القدرة على العمل وفقًا للأهداف الإستراتيجية يعيق قدرة المنظمة على المنافسة بفعالية. فمن الطبيعي أن يتفوق المنافسون الذين لديه مهارة أعلى في تنفيذ الخطط الاستراتيجية بنجاح على المنظمة المتخلفة.
    • استجابة أبطأ لتغيرات السوق: تُمكن الإستراتيجيات المحددة جيدًا من قدرة المنظمة في الاستجابة الاستباقية لظروف السوق المتغيرة؛ فالتردد أو العمل غير المتوافق يعيق قدرة  المنظمة على التكيف.

     

     

     

     

     

     

     

     

    • الخسارة الثانية: الضرر بسمعة المنظمة وثقة أصحاب المصلحة بها
    • تعتبر المصداقية واحدة من أهم الأصول الحيوية للمنظمات، حيث يرصد أصحاب المصلحة – بما في ذلك المستثمرون والعملاء والموظفون والشركاء – قدرة المنظمة على تحقيق الأهداف التي تعلنها كمؤشر على الموثوقية المستقبلية. وينتج عن الفشل المتكرر من تدهور هذه الثقة التي تكتسبها المنظمات بشق الأنفس عبر الزمن.

     

     

     

    الخسارة الثالثة: الخسائر التشغيلية والمالية إن تداعيات الفشل في تنفيذ الخطة الاستراتيجية ليست مجرد مفاهيم مجردة وخسائر معنوية غير ملموسة؛ حيث إنها تتجلى في تكبد خسائر مالية حقيقية يمكن أن تؤثر سلبا بشكل كبير  على قدرة الشركة على تحقيق تطلعاتها. 

      •  

    القصور  في العمليات التشغيلية: يؤدي عدم التركيز الإستراتيجي إلى اختلال في تخصيص الموارد. وقد تقوم الأقسام بجهود  متكررة أو تعمل على أولويات متضاربة.

      عدم تحقيق أهداف الإيرادات Opportunity Cost: ربما يكون ذلك هو التأثير المالي الأكثر مباشرة، حيث تترجم الأهداف الضائعة في الخطة الإستراتيجية إلى ضياع الفرص لتحقيق إيرادات شبة مؤكدة.

      الموارد الضائعة: تستهلك عملية التخطيط الإستراتيجي موارد كبيرة؛ هذا الاستثمار لا يحقق أي عائد عندما لا يتم تنفيذ الخطط بنجاح.

      ضعف ثقة أصحاب المصلحة: قد يتردد المستثمرون في تقديم تمويل مستقبلي إذا أدركوا أن تاريخ المنظمة حافل بالعديد من الوعود التي لم يتم الوفاء بها. وبالمثل، يمكن للعملاء التشكيك في التزام الشركة بالابتكار أو الجودة.

      انخفاض الروح المعنوية للموظفين: عندما تفشل الخطط الإستراتيجية، قد يصاب الموظفون بخيبة أمل. يتحول حماسهم الأولي إلى خيبة أمل، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة معدل دوران الموظفين وعدم ثقتهم في أي مبادرات أو خطط جديدة يتم الإعلان عنها حيث أنهم يتوقعوا أن مصيرها أغلب الظن سوف يؤول الي الفشل.

       

       

      الخسارة الرابعة: ضعف الثقافة التنظيمية والديناميكيات
      لا تؤثر الإخفاقات الإستراتيجية على التصور الخارجي والتمويل فحسب، بل إنها تؤثر أيضًا في صميم الثقافة التنظيمية – وهي القيم والمعتقدات والسلوكيات المشتركة للمنظمة.

      لا تؤثر الإخفاقات الإستراتيجية على التصور الخارجي والتمويل فحسب، بل إنها تؤثر أيضًا في صميم الثقافة التنظيمية – وهي القيم والمعتقدات والسلوكيات المشتركة للمنظمة.

      • نمو ثقافة اللوم Blame Culture: يؤدي الإحباط إلى التبادل في توجيه أصابع الاتهام بين الإدارات والفرق المختلفة، لا سيما بين قيادات الإدارة العليا التي تسعى لنقل المسؤولية عن الفشل لأطراف أخرى. مما يولد عدم الثقة ويقوض روح التعاون.
      • الصراعات الداخلية Internal Conflicts: يعزز الغموض بشأن الأدوار والاتجاه الإستراتيجي الاحتكاك بين الإدارات والأفراد.
      • مقاومة التغيير Resistance to Change: يمكن أن تتحول المنظمة التي لديها تاريخ حافل بالإخفاقات في تنفيذ خططها الاستراتيجية الي منظمة متشائمة ومقاومة للمبادرات الجديدة.

       

       

      الخسارة الخامسة: الحلقة المفرغة لسوء التشخيص تكمن أحد النتائج الخطيرة لفشل المنظمات في تنفيذ خططها الإستراتيجية في سوء التشخيص المحتمل للمشكلة. فقد تعزو الإدارة العليا، التي تفتقر إلى الفهم الواضح لدورها في التنفيذ، أن العيب والسبب في الإخفاق في التنفيذ سببه ضعف وعدم ملائمة الخطة الاستراتيجية نفسها فتعلن أن الإستراتيجية كانت خاطئة بدلاً من ادراك نقاط ضعفها في قدراتها ومهاراتها التنفيذية.

       

       

       

       


      ينشأ عن هذا التبرير الخاطئ الدخول الى حلقة مفرغة “خبيثة”: فتبدأ المنظمة في تطوير خطة إستراتيجية أخرى، وتستثمر المزيد من الوقت والموارد، فقط لمواجهة نتيجة مماثلة بسبب ضعف قدرتها على التنفيذ. هذه الدورة المتكررة تقوض الروح المعنوية بشكل كبير، وتصرف الانتباه عن القضية الحقيقية، وتمنع المنظمة من تطوير الكفاءات الهامة اللازمة لترجمة التفكير الإستراتيجي الجيد إلى نتائج ملموسة.

       

       

       

       

       

      كسر الدورة الخبيثة: استخدام أدوات التشخيص وقياس مستوى النضج الاستراتيجي

      إن عواقب الفشل في تنفيذ الخطط الإستراتيجية كبيرة ومتعددة الأوجه. فيمكن أن تجد المنظمات نفسها محاصرة في حلقة مفرغة مدمرة للذات، حيث تسيء تشخيص إخفاقاتها وتستثمر في أنشطة التخطيط الإستراتيجي المتكررة دون معالجة القضايا الجوهرية.

      لقد لاحظت وعاصرت هذا النمط بشكل مباشر. على مر السنين، لذا فقد قمت بتطوير أداة تشخيصية مصممة خصيصًا لتقييم مستوى نضج المنظمات في كل من مرحلتي تطوير الخطط الإستراتيجية وتنفيذها.

       

       

       

       


      وقد تسنى لي -بفضل الله- توظيف هذه الأداة بنجاح عبر قطاعات متنوعة – خاصة وحكومية وغير ربحية – وقد ساعدت العشرات من المنظمات في تحديد نقاط الضعف في تطوير وتنفيذ خططها الاستراتيجية، وكشف ما إذا كانت أوجه القصور تكمن في مرحلة صياغة الإستراتيجية الأولية أو في قدرات  المنظمة على التنفيذ الكفؤ والفعال لهذه الاستراتيجيات. فمن خلال تحديد الأسباب الجذرية للفشل بدقة، تكتسب المنظمات البصيرة اللازمة لتطوير خرائط طريق للتحسين Roadmap for Development.والذي يمكن أن يشمل:

      هذا المقال واحد من سلسلة إصدارات الاكاديمية العالمية لإدارة الأداء.

      محتويات هذا المقال أقتبس من المحتوى التدريبي للبرنامج التدريبي رقم (5) بعنوان “قيادة وإدارة تنفيذ الخطط الاستراتيجية من سلسلة برامج الأكاديمية”


      لمزيد من المعلومات عن أنشطة الأكاديمية وبرامج الشهادات المهنية في التخطيط الاستراتيجية وإدارة الأداء يمكن التواصل على: 3M@GPMAcademy.org
      +966530081400

       

        Facebook
        Twitter
        LinkedIn
        WhatsApp
        Email
        انضم إلى نشرتنا الإخبارية Join Our Newsletter