إطلاق العنان للسرعة والتشاركية في عالم الأعمال الحديث
إن النموذج الهرمي التقليدي الذي كان في يوم من الأيام حجر الزاوية للهياكل التنظيمية، أثبت بشكل متزايد أنه غير مرن وبطيء في التكيف مع بيئة الأعمال المتغيرة بالسرعة التي تتغير فيها بيئة الاعمال اليوم، وتعتبر المنظمات الشبكية Network Organizations نموذج ديناميكي ومترابط، يُحدث ثورة في طريقة عمل المنظمات وتعاونها وابتكارها.
ويبتعد هذا الهيكل غير التقليدي، والذي يشار إليه غالبًا باسم “الافتراضي “virtual” ، عن النهج الكلاسيكي لتدرج السلطة من أعلى إلى أسفل، مما يعزز طريقة أكثر مرونة واستجابة لممارسة الأعمال في المنظمات بأنواعها المختلفة.
ما هي منظمة الشبكة؟
تخيل شبكة العنكبوت، حيث يمثل كل خيط اتصالاً بين كيانات مختلفة. في مؤسسة الشبكة، هذه “السلاسل” هي العلاقات بين الأقسام الداخلية والشركاء الخارجيين والموردين وحتى العملاء. يعطي هذا الهيكل الشبيه بالويب Web الأولوية للسرعة والاستجابة والابتكار من خلال تعزيز التواصل المفتوح واتخاذ القرار بصورة لامركزية والتركيز على مواطن القدرات والجدارات الأساسية.
أنواع المنظمات الشبكية
منظمات الشبكة ليست نموذجًا واحدًا يناسب الجميع. ويمكن أن تأتي في أشكال مختلفة، كل منها مصمم خصيصًا لتلبية احتياجات وأهداف محددة:
- 1. تنظيم الشبكة الداخلية Internal Network Organization: يوجد هذا الهيكل داخل منظمة واحدة، حيث تكون الأقسام والوظائف والمستويات مترابطة. ومن خلال كسر الصوامع silos وتعزيز تبادل المعرفة، تعمل الشبكات الداخلية على تعزيز التعاون وتمكين الموظفين من اتخاذ قرارات في داخل ميدان العمل.
- تنظيم الشبكة الخارجية External Network Organization: يجمع هذا النموذج بين الكيانات المستقلة التي تتعاون وتتقاسم الموارد فيما بينها. يتيح ذلك للمنظمات تحقيق أهدافها الفردية مع الاستفادة من نقاط القوة الجماعية للشبكة حيث يتم تقاسم الموارد والابتكار.
- الشبكة المستقرة Stable Network: تتكون الشبكة المستقرة من مجموعة أساسية من المنظمات التي تحافظ على علاقات طويلة الأمد مع عدد قليل من الشركاء الرئيسيين. وتعزز هذه الشراكات الدائمة الثقة والتعاون العميقين، مما يضمن الوصول المستمر إلى الموارد والخبرات المتبادلة.
- الشبكة الديناميكية Dynamic Network: في هذا النموذج المرن، تشكل المنظمات تحالفات أو شراكات مؤقتة لمشاريع أو مبادرات محددة. تتيح الشبكات الديناميكية المرونة والقدرة على التكيف استجابة لظروف السوق المتغيرة واحتياجات المشروع.
- الشبكات الهجينة Hybrid Networks : تستفيد العديد من المنظمات من الشبكات الداخلية والخارجية. ويجمع هذا النهج بين فوائد التعاون الداخلي والموارد والخبرات المتنوعة للشركاء الخارجيين.
- التنظيم الشكبي الوظيفي Functional Network Organization : هنا، يتم تنظيم الاعضاء حسب وظيفتهم داخل الشركة (على سبيل المثال، التسويق، والتمويل، والعمليات). ويعزز هذا الهيكل التواصل والتنسيق ضمن مجالات وظيفية محددة، مما يعزز التخصص والخبرة.
- تنظيم شبكة المنتجات Product Network Organization : في هذا النموذج، يتم تنظيم الاعضاء حسب خطوط منتجاتهم. يؤدي ذلك إلى تبسيط عمليات تطوير المنتجات والتسويق والمبيعات، مما يسمح باتباع نهج أكثر تركيزًا لكل فئة من فئات المنتجات.
- تنظيم شبكة الاسواق Market Network Organization: ينظم هذا الهيكل الاعضاء حسب قطاعات السوق الخاصة بهم (مثل المستهلكين والشركات والحكومات). فهو يسمح بتخصيص المنتجات والخدمات لتلبية احتياجات وتفضيلات العملاء المحددة، مما يعزز اختراق السوق ورضا العملاء.
- تنظيم الشبكة الجغرافية Geographical Network Organization: يتم تنظيم الأعضاء وفقًا للمنطقة الجغرافية، مما يسهل التكيف مع ظروف السوق المحلية ومراعاة الفروق الثقافية الدقيقة والمتطلبات التنظيمية.
- مجتمع الممارسة Community of Practice (CoP): هو مجموعة من الأفراد الذين يشتركون في اهتمامات أو مهنه مشتركة ويجتمعون معًا للتعلم وتبادل المعرفة. تعمل هذه المجتمعات المهنية على تعزيز تبادل المعرفة والابتكار والتطوير المهني، داخل المؤسسات وعبرها.
قوة الشبكات: المزايا
تقدم منظمات الشبكة العديد من الفوائد:
- خفض التكاليف Cost Reduction : يمكن أن يؤدي الاستعانة بمصادر خارجية للأنشطة غير الأساسية إلى مزودين خدمة أو شركاء متخصصين إلى تقليل تكاليف التشغيل بشكل كبير.
- زيادة المرونة Increased Flexibility: يتيح الاستفادة من الموارد الخارجية التكيف بسرعة مع ديناميكيات السوق المتغيرة ومتطلبات العملاء.
- الوصول إلى الخبرة المتخصصة Access to Specialized Expertise: الشراكة مع الخبراء في مجالات محددة يمكن أن تعزز قدرات المنظمة وتحفز الابتكار.
- ابتكار أسرع Faster Innovation: تعمل الشبكات التعاونية على تسريع تبادل الأفكار والمعرفة، مما يؤدي إلى تطوير أسرع للمنتجات والخدمات الجديدة.
- تعزيز المرونة Enhanced Agility: الطبيعة اللامركزية لمنظمات الشبكة تمكنها من الاستجابة بسرعة للفرص والتهديدات.
- إمكانية الاستفادة من المواهب ذات المستوى العالمي Access to World-Class Talent: من خلال الشراكة مع متخصصين خارجيين، يمكن للمؤسسات الاستفادة من مجموعة أكبر من المواهب والخبرات من تلك التي يمكنها الاحتفاظ بها داخل الشركة.
تحديات الشبكات
على الرغم من أن المؤسسات الشبكية توفر إمكانات هائلة، إلا أنها تواجه أيضًا تحديات فريدة من نوعها:
- العلاقات المعقدة Complex Relationships: تتطلب إدارة شبكة من الكيانات المترابطة التواصل الفعال والتنسيق وبناء الثقة.
- مراقبة الجودة Quality Control: قد يكون ضمان الجودة المتسقة consistent quality عبر شبكة متنوعة من الشركاء أمرًا صعبًا، ويتطلب عمليات قوية لضمان الجودة ومستويات أداء متوقعة واضحة performance expectations.
- تضارب المصالح المحتمل Potential Conflicts of Interest: يمكن أن تؤدي الأهداف غير المتوافقة أو التنافس على الموارد بين أعضاء الشبكة إلى تضاربات تحتاج إلى إدارتها بشكل استباقي.
- الاعتماد على الشركاء Dependency on Partners: يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الشركاء الخارجيين إلى خلق نقاط ضعف محتملة vulnerabilities في حالة تدهور العلاقات أو فشل الشركاء في الوفاء بالتزاماتهم.
بناء منظمة شبكية ناجحة
Building a Successful Network Organization
لتحقيق الاستفادة المتوقعة من قوة الشبكات، يجب على المنظمات اتباع الخطوات الرئيسية التالية:
- تحديد الأهداف الإستراتيجية بوضوح Clearly Define Strategic Goals: حدد الإمكانات والجدارات الأساسية core competencies التي ستركز عليها المنظمة والمجالات التي سيكون التعاون الخارجي فيها مفيدًا.
- تحديد الشركاء المناسبين Identify Suitable Partners: ابحث عن الشركاء الذين يشاركونك قيمك، ويكملون نقاط قوتك، ويمكنهم المساهمة في تحقيق رؤيتك الإستراتيجية.
- إنشاء اتفاقيات رسمية Establish Formal Agreements: إنشاء اتفاقيات مكتوبة واضحة تحدد الأدوار والمسؤوليات والتوقعات لضمان الشفافية وتجنب سوء الفهم.
- تعزيز الثقافة التعاونية Foster a Collaborative Culture: تشجيع التواصل المفتوح ومشاركة المعرفة والثقة المتبادلة بين جميع أعضاء الشبكة.
- المراقبة والتقييم Monitor and Evaluate: قم بتقييم أداء الشبكة بانتظام، ومعالجة أي مشكلات أو صراعات تنشأ وإجراء التعديلات اللازمة لضمان التوافق المستمر مع الأهداف الإستراتيجية.
ستاربكس: مثال عملي
تمثل شركة ستاربكس، عملاق القهوة العالمي، نموذجًا للتنظيم الشبكي. ففي حين أنها تحافظ على الكفاءات الأساسية مثل إدارة العلامة التجارية وتطوير المنتجات داخل الشركة، فإنها تتعاون على نطاق واسع مع شركاء خارجيين في مختلف جوانب أعمالها.
- المزارعون: تتعاون ستاربكس مع مزارعي القهوة في جميع أنحاء العالم، مما يضمن الحصول على مصادر أخلاقية وممارسات التجارة العادلة.
- الموردون: تعمل الشركة مع موردي المكونات والبضائع ومعدات المتاجر.
- شركاء التكنولوجيا: تتعاون ستاربكس مع شركات التكنولوجيا للطلب عبر الهاتف المحمول وحلول الدفع وبرامج الولاء loyalty programs.
- المنظمات المجتمعية: تتعاون الشركة مع المنظمات غير الربحية المحلية لدعم مبادرات تنمية المجتمع.
من السمات الرئيسية لهيكل شبكة ستاربكس تركيزها على الحفاظ على علاقات قوية مع شركائها.
ويمتد هذا النهج التعاوني إلى ما هو أبعد من مجرد المعاملات ويركز على بناء الثقة والقيم المشتركة والمنافع المتبادلة.
على سبيل المثال، تستثمر شركة ستاربكس في مراكز دعم المزارعين لمساعدة المزارعين على تحسين ممارساتهم وسبل عيشهم، مما يضمن إمدادات مستدامة من حبوب البن عالية الجودة.
خاتمة
في عصر التغيير السريع والتعقيد المتزايد، تقدم المنظمات الشبكية بديلاً مقنعًا للهياكل الهرمية التقليدية. فمن خلال تبني التعاون وسرعة الحركة والتركيز على الكفاءات الأساسية، يمكن للمنظمات إنشاء هياكل تنظيمية قابلة للتكيف ومرنة ومبتكرة ومجهزة بشكل أفضل للازدهار في القرن الحادي والعشرين.
لا تخلو مؤسسات الشبكة من التحديات، ولكن المزايا التي يمكن تحقيقها كبيرة. ومن خلال تبني هذا النموذج، يمكن للمنظمات الاستفادة من مجموعة واسعة من الموارد الخارجية والخبرات والابتكارات، مما يؤدي في النهاية إلى خلق مستقبل أكثر استدامة ونجاحًا.
هذه المقالة جزء من سلسلة منشورات الأكاديمية العالمية لإدارة الأداء .
لمزيد من المعلومات حول شهادات GPMA الاحترافية في تطوير الإستراتيجية وتنفيذها، يرجى الاتصال بـ :
+966530081400
